articles

Get this widget Get this widget Get this widget

البناء الرياضي للشكل في الخط العربي الكوفي


البناء الرياضي للشكل في الخط العربي الكوفي 
THE MATHEMATICAL STRUCTURE ARABIC KUFI CALLIGRAPHY
كريم سالم الساعدي*
المستخلص :
يثير الخط العربي العديد من التساؤلات المعرفية التي تتلمس الكثير من جوانبه الجمالية والبنائية والدلالية،
بعضها يختص في اصل الحر ف العربي واللغة ومسارات تطورها التاريخية، واخر يؤصل للعلاقة بين الخط العربي
والعقيدة الاسلامية التي لا يعتري احدا الشك في انها السبب الرئيسي في تطور الخط العربي على الصورة التي وصل
بها الينا.
يعد الخط العربي الكوفي اقدم انواع الخطوط العربية، فقد ظهرت اول د لائل واصول الخط العربي مكتوبة بهذا الخط-
على بساطته- وقد تطورت اشكاله وتعددت انواعه على مر العصور، ومع كل هذا التطور على هذه المساحة الزمنية
الواسعة، بقي محافظا على شكله البنائي الذي يتصف على غير انواع الخطوط العربية بالبنية الهندسي ة. لذا يعد الخط
الكوفي ن وعا من الرياضيات التشكيلية، وهو تجسيدا للحساب في الفن، قبل ان تنشا الفنون البصرية الحديثة
التي اعتمدت البنى الهندسية والرياضية في الانتاج الفني. (optical art)
ولما لم يدرس هذا الاتجاه بصيغة تستظهر العلاقة بين الخط الكوفي والرياضيات فقد توجه البحث لدراسة ذل ك، عبر
مباحث نظرية حددت مفهوم الرياضيات وخصائصها والبناء الرياضي للشكل الجمالي عموما وفي الخط العربي الكوفي
على وجه التحديد.
وفي اجراءات البحث اعتمد الباحث المنهج الوصفي التحليلي للعينة الممثلة للبحث من خلال ثلاث مرتكزات رياضية،
وقد ختم البحث بعرض لاهم نتا ئجه، حيث ظهر ان الخط الكوفي يتواشج مع الخصائص والمفاهيم الرياضية كالدقة
واليقين، والتجريد، والموضوعية، وان البنية الهندسية ليست خيارا تصميميا بقدر ما هي اصل هذا النوع من الخط
العربي وروحه الحية عبر العصور.
Abstract:
Arabic calligraphy arouses many questions that touches many of is structural
and indicative aspects. Some of them is concerned with the origin of the Arab letter in
the about the historical background language. The other is concerned with the
relationship between Arabic calligraphy and Islamic doctrine, which is undoubtedly the
main reason behind the development in the Arab calligraphy in the form we receive.
The Kufi calligraphy is regarded as one of the oldest forms of the Arab calligraphy. The
first indications of the written Arabic language in that form was developed and the types
were numerous over ages. With all that development over vast time, it maintains it’s the
structural form which is distinguished from other types of Arabic calligraphy that is
characterized by geometric form. Therefore, Kufi calligraphy is one of the forms of the
mathematical formation, which is manifestation of calculation in art, even before the
modern optical arts which depended on the engineeringstructuresappear.
Since this tendency have not been studied in the form that show the
relationship between Kufi calligraphy and mathematics, the study tackles that
through theoretical inquiries which has determined the concept of
mathematics and its characteristics in general.
The researcher used in the procedures of his study the analytical-descriptive
methodology of the sample through analyzing a sample made of three
mathematical basics. The study was concluded with a description of all the
findings. It turned out that the Kufi calligraphy show that the Kufi calligraphy
intertwines with the mathematical characteristics, such as accuracy,
certainly, and objectivity. The geometric structure is not designing choice as it
a living soul through ought history.
مشكلة البحث:
ارتبط الجمال والكمال في الخط العربي بشكل عام والخط الك وفي تحديدًا بعلمي الهندسة والرياضيات مثلما حدث
مع العديد من الانجازات البشرية كالعمارة والموسيقى وغيرها، وقد اسس هذا الارتباط لمقاييس ثابتة في التناسب بين
الحرف واجزاؤه والحرف والكلمة والكلمة والسطر او التكوين وصار بذلك نظامًا صارمًا ومعيارًا يتوجب الالتزا م به
لتحديد صحة ودقة وانتظام الحرو ف. وهي اول ما يهم الخطاط لتجويد خط ه. وفي الواقع فان هذا التصور تجلى بقدر
كبير في الخط الكوفي وانواعه ذات البيئة الرياضية والتي يغلب على رسم حروفها الطابع الهندسي.
وبذلك فان مشكلة البحث الموسوم (رياضيات بناء الشكل في الخط ا لكوفي) تتلخص في التساؤلات العديدة التي
يثيرها الشكل الهندسي للخط الكوفي وعلى النحو الاتي:
- خصوصية الخط الكوفي، وما علاقته بالرياضيات.
- ماهية الرياضيات التشكيلية.
- هل ان الشكل الهندسي في الخط الكوفي يحيل الى ذات الانساق الجمالية التي تثيرها الخطوط العربية اللين ة
الاخرى.
اهمية البحث والحاجة اليه:
لا يخفى على الباحثين في الخط العربي كثرة الدراسات التاريخية لانواع الخط العربي وتصنيفاته والتي تجاوزت
التكرار والنمطية وساهم ت-الى حد م ا- في انحسار الخط العربي عن مداه الفني والابداعي، وخلقت صورة تقليدية
وصنعته في المرتبة الثانية في مراتب الابداع الفني.
وعلى الرغم من ذلك تميزت بعض الدراسات الجديدة بالاهتمام بالجوانب الجمالية والدلالية وبيان المغزى الفلسفي
باستخدام ادوات نقدية معاصر ة. ولقد ركزت تلك الدراسات على تناول الشكل وبعده الفني، وكانت ماهية الخط العربي
المرتكز الا ساس الذي دارت حوله هذه الدراسات، وقد استخدم مصطلح هندسة الخط العربي في تلك الدراسات للتعبير
عن الانماط الرياضية التي تحكم نسب الحروف وابعادها.
اذ يعد فن الخط العربي بشكل عام والخط الكوفي بالتحديد نوعا من الرياضيات التشكيلية، وقد كان تجسيدا للحساب في
الفن، فقد اعتاد الخطاط وهو يبدع في هذا النوع من الخط العربي ان يستخدم نظاما واشكالا وعلاقات رياضية، فالخط
الكوفي بنية شكلية تامة ومستقلة، عناصرها دقيقة ومتعددة تمثل اشكالا هندسية كاملة، كالمربع والمستطيل والمثلث
والدائرة وسواها، تبنى هذه المكونات في عملية تنظيم تبعا لقوانين وعلاقات رياضية.
وعلى الرغم من الانواع العديدة للخط الكوفي، فان الكشف عن سرها جميعا يكمن في تحليل بنيتها الرياضية للتعرف
على مضامينها التشكيلية الناتجة عن علاقاتها البنيوية، والحركة الموحية في اتجاهات وامتدادات الحروف والكلمات
المتولدة عن هذه العلاقات.
ان البحث في رياضيات بناء الشكل في الخط العربي الكوفي يعزز استيعاب واستذكار البنية الشكلية لهذا النوع من الخط
على الرغم من تعقيدها، اذ يتعامل المتلقي مع النظام الباني للخط الكوفي ثم ينشغل بالتفاصيل الدقيقة متاملا ثرائها
الجمالي المتاتي من طبيعتها الهندسية الخاصة.
كما ان استيضاح البنية الرياضية للخط الكوفي يعد مساهمة تندرج في مسار الحاجة الى المشروع النقدي العام للخط
العربي.. وهي حاجة ماسة وضرورية لتوكيد المكانة الثقافية والفنية المتميزة لفن الخط العربي، وهي سعي ومحاولة
لاستكشاف المكنون الهندسي للشكل السكوني في نظام الخط من خلال النظر اليه على انه الشكل الهندسي الساكن
والمتحرك في ان .
هدف البحث:
دراسة رياضيات بناء الشكل في الخط العربي الكوفي وخصوصيته بوصفه خطا ذا بنية هندسية، لتقصي تلك البنية
والكشف عن اهميتها ودورها في انجاز جماليات الشكل الهندسي في الخط الكوفي.
حدود البحث
يتحدد البحث بانواع الخط الكوفي التالية:
- الخط الكوفي المصحفي (كوفي القرن الاول الهجري).
- الخط الكوفي المربع (الشطرنجي).
- الخط الكوفي المظفور.
تحديد المصطلحات:
١.الرياضيات:
ترتكز اصلا على تناسق الا فعال والعمليات عند الفرد، بالاعتماد على تجريدات (structures) هي نظام من البنيات
فكرية يتصاعد مستواها تدريجي ا.[ ١] وفي تعريف (ابن سينا ء) للرياضيات، يقول بانها علم الكم المنفصل (العدد) والكم
[ المتصل (الهندسة). وهي المقدرة على التفكير العلمي بواسطة الارقام.[ ٢
(Bourbaki وفي تعريف يقترب من اهداف البحث، يتخذه الباحث تعريفا اجرائيا للرياضيات، تقول جماعة (بورباكي
[ الفرنسية للرياضيات، بان الرياضيات هي دراسة البنى التجريدية او الانساق او الانظمة الشكلية للترابط- التضام.[ ٢
٢. الشكل
هو انتظام المرئي من الهيئات والكتل وترتيبها وهو الهيئة التي يتخذها ا لعمل الفني للتعبير عن المحتوى، وثمة شكل
بالمعنى البنائي كما يرى (ريد) وهو تناغم معين او علاقة تناسبية مع الكل، وكل جزء مع الاخر وفي النهاية تحويلها
[ الى رقم، وثمة شكل بالمعنى الادراكي الحسي هو شرط ضروري للتشخيص الادراكي الحسي للمحتوى.[ ٣
[ والشكل هيئة ذات معالم بنائية متناغمة ومتناسقة منتظمة بعلاقات تربط اجزاءها، ويميل الى معنى بادراكه حسيا.[ ٤
٣. الخط الكوفي:
هو اول انواع الخطوط العربية، واول مظهر شكلي ظهرت به اللغة العربية بحسب الكتابات العربية مثل كتابات (ام
الجمال ٢٥٠ م) وكتابة (النمارة ٣٢٨ م) وكتابة (زيد ٥١٢ م) وكتابة (حران ٥٦٨ م) وهذه الكتابات هي السند الوحيد الذي
نستعين به في تطور الخط العربي الشمال ي[ ٥]، وهو الجذر النوعي اكوفي القرن الاول الهجري، وهذا الاخير هو
الاساس الذي قامت عليه الانواع العديدة للخط الكوفي التي يغلب على بناءها جميعا الطابع الهندسي واس تخدام الادوات
الهندسية في رسم حروفه، لذلك اصطلح على تسمية انواع الخط الكوفي بالخطوط اليابسة، على عكس الخطوط العربية
الاخرى (اللينة)، التي تكتب اعتمادا على المهارة والمرونة اليدوية المتاتية من تراكم الخبرة والمران المستمر.
الاطار النظري:
مدخل في مفهوم الرياضيات
كان (افلاطون) يعتبر الرياضيات معرفة ذات صفة شمولية، تتفرع منها سائر الفنون والعلو م[ ٦]، اذ تستخدم العلوم
المختلفة المعرفة الرياضية للتعبير بالارقام عن ظواهرها وقوانينها، فالرياضيات هي اساس العالم الذهني والعالم
المرئي، وبدلا من ان تظل – كما كان الشان عند اليونانيي ن- عبارة عن تامل موضوعات ذهنية مثالية، اصبحت عبارة
عن بناء ذهني يشيده العقل، بواسطة قواعد معين ة[ ٧]، فهي علم بنية العقل الانساني، ولانها العلم في كل علم، فان
الرياضيات تعتبر كل العل م[ ٨] وكما ان الموسيقى هي اكثر الفنون كمالا، فان الرياضيات هي ا كثر العلوم كمالا لان
[ الشكل فيها اصبح هو المضمون.[ ٩
خصائص الرياضيات:
١.الدقة واليقين:
الرياضيات منهج عقلي متحد بالجزء المضبوط للفك ر[ ٢]، ترادف اليقين الذي لا يتوافر لسواه ا[ ١٠ ]، فالتوجه الرياضي
حاسم وصحيح، حتى ان العلم كلما تقدم نحو الكمال كان رياضيات بار ائه[ ١١ ]. وقد اعتبر الفلاسفة العرب الموضوعات
الرياضية موضوعات ذهنية تستخلص بالتجريد والتعميم أي تجريدات عقلية (لا كائنات كاملة ثابتة مستقل ة) كما كان
يتصور اليونانيون، ولذلك كان الذي اعجب به العرب ليس تامل هذه (الكائنات) وخواصها، بل ما تمتاز به الرياضيات
من معقولية ويقي ن.. والغزالي يشيد بما تمتاز به الرياضيات من يقين لا يرقى اليه الشك، يقين هيهات ان تتصف به
[ الاراء الفلسفية.[ ٨
واليقين والدقة لا تتوافران فقط في المعرفة الرياضية، بل في العلاقات الرياضية التي تبني المكونات الشكلية في الخط
العربي، في نظام يمكن حد س افاق ه. والرياضيات امكانية (فيها شيء اكثر من الحرية وشيء اكثر من القسر في وقت
واحد[ ١٢ ]، حرية بلوغ افاق ذات تاثير جمالي ممتع يوفر بناء شكل متماسك يسهل ادراكه.
خاصة وان الشكل المعماري للخط العربي، والخط الكوفي على وجه الخصوص، شكل معقد ومتنوع بحيث يحتاج لعد
كبير من انظمة الرموز الهندسية المختلفة لوضعه، حتى اذا فشلت اللغة في ذلك كانت الرياضيات مفيدة جدا.
ان الشعور باليقين، هو الشعور بالنظام الاساس، والشعور بقرار الفكر وسكونه، والشعور بطمانينة الروابط الرياضية،
وهو شعور مشتق من جهود اضفاء الصفة العقلية على الت جريد[ ١٣ ]، والواقع ان هذا التصور يلتقي مع فلسفة الفن
الاسلامي، اذ ان مبدعي هذا الفن قلما يغلب عليهم الانفعال والصدمة والقلق (السائد في الفن الاورب ي) ليحل محله
السكون وهدوء الروح والجوارح والاطمئنان واليقين الذي يتسق مع اليقين الرياضي.
٢. الموضوعية:
تتصف ا لمعرفة الرياضية بانها معرفة موضوعية مستقلة عن وجود الاشياء المادية، حتى ان كلمة الوجود ليس لها
عندما تخص كيانا رياضيا نفس المعنى الذي لها عندما تخص شيئا مادي ا. وتضع الرياضيات امام الفكر صورا كلية
ونسبا وقوانين تتكرر في الجزئيات، لذل يستخدم الفكر الصور الم حسوسة لا كموضوع بل كواسطة لتنبيه المعاني الكلية
المقابلة لها[ ١٤ ]. ففي الشكل الخطي الكوفي تسيطر العلاقات الرياضية في بناء الجزء حتى لو كان شكلا منفردا واحدا.
٣. التجريد:
الرياضيات علم مجرد عن كل ما هو حس ي[ ١١ ]، فهي دائما تكوين تجريدي موضوعاتها تبدو وكانها تنبع من الفكر
لضبطها ودقتها، تهبط الى اسفل السلم Epistemology وحده،[ ١٥ ] والرياضيات التي تقف في ذروة السلم المعرفي
الوجودي لطابع موضوعها التجريد ي[ ٨]، ولكن خاصية التجريد هذه هي التي تمكن من تطبيق الرياضيات على
التجربة، ولهذا فهي في الشكل الجمالي لا تربك مادي ا، بل ياتي حيادها لتنظيم الشكل وفق ذهنية مليئة بالقصد الابداعي،
وهي تتعامل مع الكم أي الجوانب التي تقبل القياس والعدد ،[ ١٦ ] مثل المكونات الهندسية للتكوينات الخطية والاشكال
العضوية المجرد ة. ومن خلال ذلك تسهم الرياضيات في الوصول الى الكيف الجمالي الممكن، اذ ن جد "في التنظيم الكمي
[ للشكل اكثر لا اقل مما نجد في وصفه كيفيا".[ ١٣
وعلى الرغم من تجريديتها فان الرياضيات لها مادة معينة تحتاج الى تجربه من نوع خاص، هي (الحدس الرياض ي)
الذي هو السبيل الوحيد الى الكشف الرياضي، فالحدس هو منبع الرياضيات الذي يقدم لنا التصورات والاستنباطات
الرياضية كأمور اصيلة، مباشرة، واضحة في ذاتها، وهذا الحدس ان هو الا المقدرة على معالجة بعض تصوراتنا التي
ودقيقة ،[ ٢] وهو الذي يمكننا من ادراك Exact ومضبوطة Separte تحدث في تفكيرنا العادي ، معالجة منفصلة
العلاقة الرياضية التي تبني الشكل في كليته ومن خلال ظهور جزئي لتلك العلاقة. فنحن في الخط الكوفي ندرك العنصر
المكون للشكل الخطي، وندرك قانون انبنائه في الكل، ويكون ذلك كافيا لنحدس الشكل في وعينا الكامل، وتمكننا دقة
الرياضيات وضوابطها من الثقة بهذا الحدس والاطمئنان للكل والسيطرة عليه في مستوى ذهني مجرد.
البناء الرياضي للشكل الجمالي:
يقول الغزالي في (كيمياء السعاد ة) "كل شيء فجماله وحسنه في ان يحضر كماله اللائق به، فاذا كانت جميع كمالاته
،[ الممكنة حاضرة فهو في غاية الجما ل" فالظاهرة الجمالية، ظاهرة مرتبطة بالمظهر، متعلقة بالاشياء كما تبدو لن ا[ ١٧
والخط العربي متعلق بمظهر اللغة، فهو محياها وكيفيتها، والجمال كيف ونوع من القيمة فقدانه يعني ايضا فقدان
[ للكينونة.[ ١٨
[ ان الفكرة الاساس المطورة من (هيراقليطس) في الجمال تعد الجمال بانه اتساق الاضداد، فالاشياء المرتبة جميلة [ ٩
والاتساق حسب الفيثاغوريين هو اقتران ا لمحدود باللامحدود وغير المضبوط بالمضبوط والاحادي بالمتعدد ، والمستقيم
بالملتوي والمربع بمتعدد الاضلا ع. ويمكن ادراك هذا الاتساق في توافق المكونات الشكلية للخط الكوفي رغم تعددها
وتضادها ما بين هندسية وعضوي ة. فالوصول الى الجمال يتطلب توفر الانسجام بين الاجزاء المنسقة بنسب وعلاقة من
[ الدقة بحيث لا مجال هناك لاضافة شي او تغييره او ازالته الا اذا اردنا بالشكل سو  ء.[ ١٩
ان الشعور بالجمال في توافق الادراك المباشر لعلاقة الاجزاء، كل جزء بالاخر، وعلاقة الجميع بالكل يثيبر نوعا من
المتعة المباشرة والمطلقة دون تدخل لاية غاية حسية او عقلي ة. وقد يكون الميل الى التجريد والهندسية والتناظ ر- في
الفن- هو الوسيلة التي تعيد للظواهر النظام الخفي الذي يؤطرها، فالهندسية هي التي تحل مشكلة النظام في العمل
الفني، فهي جزء جوهري في الانتاج الحر، وهي بمثابة قواعد الكتابة، ولقد حظيت العلاقة بين النظام والتعقيد باهتمام
[ واضح للتوصل من خلال تناسبهما الى القياس الجمالي.[ ١٨
وبذلك نخلص الى ان المظهر الجمالي سواء اكان هندسيا او غير ذلك بحاجة الى مجموعة من العلاقات المتفاعلة فيما
بينها لانجاز الشكل الجمالي، واهم تلك العلاقات التوافق، التناظر، التن اسب، الانسجام، وحضور هذه العلاقات في بناء
الشكل الخطي الكوفي يعد امرا في غاية الاهمية.
البناء الرياضي للخط العربي:
لقد ارتبط الخط العربي بالرياضيات والهندسة منذ اول ملامح تطور ه- وما زا ل- مثلما ارتبطت الكثير من الفنون
كالعمارة والموسيقى وغيرها، وقد افاد ه ذا الارتباط في تطور الخط العربي ونضوج بنيته الشكلية والجمالية، من خلال
اعتماد مقاييس معينة للحروف ووضع علاقات تناسب بين الحروف واجزاءها والكلمة وموضعها.
وتعد (النسبة الفاضل ة)- التي وضعها ابن مقل ة- من اولى المحاولات التي ربطت الخط العربي بالرياضيات، وقيدت
الخط بنسبة ثابتة لا تتغير وكانها قد وضعت قانونا رياضيا محكما لابد من الالتزام به لمن يريد لحظه الجودة والشكل
البديع.. (ولا يعني القياس هنا تحديد الامكانات الفنية للحرف، وانما المرحلة الاولى في تعلم قواعد الحروف واتقانها
[ مثلما هو الحال في العديد من الفنون).[ ٢٠
ويعتبر (ابو علي بن مقل ة) من رجال القرن الرابع الهجري، نقطة البداية لمرحلة جديدة في تاريخ الخط العربي، حيث
قام باستثمار الجهود المتراكمة لثلاث قرون حتى تمكن بفضل ذلك من وضع النسبة الخاصة بالخط وربطها باس س معينة
ومقاييس مقدرة مما سهل توضيحها وتعلمه ا- فق د كان ضليعا في علم الهندس ة- ويمكن القول بانه اول من بلغ بالخط
[ درجة كبيرة من الكمال بواسطة وضعه (الخط المنسوب) أي الذي ينسب الى نسبة رياضية معينة.[ ٢١
ومصطلح الخط المنسوب لا يصح اطلاقه على نوع معين من الخطوط حتى لا يفهم انه نوع جديد من الخط، فهو يقال
للتدليل على ان الخط ينتسب الى نسبة رياضية ثابتة مقدارها طول الالف، ويسمى محققا ايضا وموزونا بالنقاط كوحدة
[ قياس. [ ٢٢
يقول ابو القاسم مسلمة في كتابه (شرح ما استبهم من النسبة الفاضل ة): "ينبغي لمن يرغب في ان يكون خطه جيدا، ان
يجعل لذلك اصلا، ويبني عليه حروفه، ليكو ن ذلك قانونا يرجع اليه في حروفه، ولا يتجاوزه ولا يقصر دونه، ومثال
ذلك في الخط العربي، ان تخط الفا باي قلم شئت، وتجعل غلطة الذي هو عرضه مناسبا لطوله وهو الثمن، ليكون
الطول مثل الع رض ثماني مرات، ثم يجعل البركار على وسط الالف لا يخرج دورها عن طرفيها، فان هذا الطريق
والمسلك يوصلان الى معرفة مقادير الحروف على النسبة، ولا يحتاج في مقاييسك ما تقصده الى شيء يخرج عن
[ الالف وعن الدائرة التي تحيط بها".[ ٢٣
اضف الى ذلك ان جمال الحرف عند (ابن م قلة) لم يتحدد باتقان قياساتها حسب وانما اشترك لجودة الكتابة اسسا معينة
اقرب ما تكون للقوانين الرياضية الملزمة فقد اشترط لصحة اشكال الحروف ما يلي:
أ- التوفيه: وهو ان يوفى كل حرف ومكوناته من الخطوط بصورة كاملة ضمن خصائص تلك الخطوط الشكلية
(المقوسة والقائمة والافقية والمنحنية).
ب- التمام: وهو اعطاء الحروف حقها في ابعادها عن (طول وقصر وكبر وصغر).
ج- الاكمال: وهو اعطاء هيئة الحرف حقها من الخصائص في (الاستقامة والتسطيح والميل والاستلقاء والتقويس).
د- الاشباع: هي الخاصية التي تتعلق بالقلم في الكتابة بصدره، واعطاء الحروف حقها من الدقة، والغلط كل في
محله.
- الارسال: وهي الميزة التي يجب ان يكتسبها الخطاط في انسياب حركة القلم بدون تردد او توقف او رعشة،
أي الدقة المتناهية في المفهوم الرياضي.
فضلا عن صفات الحروف الجمالية وخصائصها الفنية، فان الخطاط يحتاج الى تحديد ضوابط العلاقات الهن دسية بينها
في وصلها وفصلها وانتظامه ا. وفي ذلك يقول (ابو حيان التوحيد ي): "الكتاب يحتاج الى سبعة معان، الخط المجرد
بالتحقيق والمجمل بالتحويق، والمزين بالتخريق، والمسنن بالتشقيق، والمجاز بالتدقيق والمميز بالتفريق فهذه اصوله
[ وقواعده المنظمة لفنونه وفروعه". [ ٢٤
يلتمس في هذه النصو ص- بوضوح كبي ر- العلاقة الوثيقة بين الخط العربي والتصورات والرؤى الرياضسية والهندسية
التي يجب الاحتكام اليها كقوانين ثابتة توجه الشكل وتضبط الصورة في مقادير ومقاييس لا يمكن تجاوزها.
اجراءات البحث:
اعتمد الباحث في اجراءات بحثه اسلوب انت قاء عينات قصدية ممثلة لاصناف المجتمع الاصلي، وهو الخط الكوفي وهي
بحدود ثلاثين نوعًا وبنسبة ١٠ %، وذلك لتشابه اشكال كل صنف مع نظائره من حيث البنية التكوينية للشكل.
وهكذا حدد الباحث عينته كما يلي:
.( ١. عينة رقم ( ١) تمثل الخط الكوفي المصحفي ، الشكل رقم ( ١
.( ٢. عينة رقم ( ٢) تمثل الخط الكوفي المظفور ، الشكل رقم ( ٢
.( ٣. عينة رقم ( ٣) تمثل الخط الكوفي المربع ، الشكل رقم ( ٣
طريقة وصفة البحث:
اتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي للعينة الممثلة في بحث ذا صفة مفاهيمي ة- للوصول الى تحديد الاسس الرياضية
والهندسية التي يقوم عليها الخط الكوفي في محاولة لاستيضاح بنيته الشكلية والجمالية.
وقد حدد الباحث ثلاثة مرتكزات اساسية لتحليل العينات على وفق المفهوم الرياضي حيث اعتمدها كبطاقة تحليل في
مسعاه للتوصل الى اهداف بحثه وكما يلي:
١. مرتكز العلاقات العددية (الدقة واليقين).
٢. مرتكز النظام.
٣. مرتكز التجريد.
العلاقات العددية المؤسسة لبناء الشكل في الخط الكوفي:
العدد تصور ذهني خالص، يبدا بعملية تجريد للصفات فيلغي الفرق بين العناصر، ولهذا فمكونات بناء الشكل في الخط
الكوفي وهي تبنى بحساب هندسي تتشابه وتخضع لتكرار وتماثل مستمر يؤكدها، كما نرى في الاشكال ا لثلاثة، اذ
يلاحظ في كل شكل منها انعدام الفروق الجزئية وسيادة مبدا التكافؤ، وهو نتيجة لانسجام وتوازن الكتل، بين الحروف
وبعضها، وبينها وبين الارضية والفراغات الناشئة من خلال حركة الحرو ف. ان تحقيق مبدا التكافؤ بين مكونات الشكل
في الخط الكوفي، انما هو انعكلاس لفكرة ذات تنظيم عالي وهي (التناظر)، وهو ما يوجب ان ترسم الحروف في هيئات
تحاكي بعضها البعض الاخر بشكل متناس ب. ففي الشكل رقم ( ١) تتناظر الكثير من الحروف كاستدارة الفاء والقاف مع
( الميم والواو، بالاضافة الى التشابه الكبير بين الذال والدال مع الكاف الوسط ى. في ح ين نلاحظ في الشكل رقم ( ٢
تناظر شكل الالف في جميع مواضع ه- باستبعاد اشكال الضفائر فلو وضعت أي حرف الف فوق الاخر لا تجد فرقا
يذكر.. وهكذا شكل الميم الاول وهي تتناظر مع استدارة الواو والتاء المقصورة، كذلك الجزء النازل


من حرف الراء مع الجزء النازل من الواو والنون والميم الاخير ة. في حين يسود مبدا التناظر فيالشكل رق م( ٣) فالخط
بشكل صارم، وبذلك تتشابه حسابيا كل الح روف من ذوات º الكوفي المربع (الشطرنجي) منضبط كليا بزاوية ٩٠
الفراغ الداخلي على شكل مربع خطي كامل، بالاضافة الى ذلك هنالك تعادل كبير في قيم المساحات بين شكل الخط
والارضية فلا توجد مساحات مضاعفة شاذة سواء في عرض الخط او عرض الفراغات بين الحروف والكلمات فهناك
تعادل عددي متناظر بين الشكل والارضية.

ان التكرار المنظم للاجزاء المتطابقة في اشكال الخط الكوفي يتضمن جوهر التناظر والتكرا ر. والتناظر في المكان كما
[ الايقاع في الزمان هو بنية عددية. [ ٩
يستهوينا التناظر والتكرار في الخط الكوفي بسبب الشعور بالدقة واليقين اللذان يسببان الراحة والاقتصاد في حرك ة
العين وهي ترقب الرقع الخطية من الخط الكوفي، فحينئذ يطرا على الذهن نوعا من التوقع يشبه توقع النغمة التي لابد
من حدوثها، او اللفظة المطلوبة، فاذا لم يشبع هذا التوقع احسسنا بصدمة، فالتناظر والتكرار هنا يعطي اشكال حروف
الخط الكوفي كمالا يكون مصدرا عاما للسرور الهاديء.
وتتجسد العلاقات العددية بالشكل رقم ( ٣) بصورة واضحة من خلال الانضباط العالي لبنية الشكل في هذا النوع من
الخط الكوفي فالعلاقات بين كتل الحروف والفراغات وتشابه اشكال الحروف وطبيعة الفراغ بين الحروف والكلمات
الذي لا يتجاوز عرض الحرف الثابت قطعا، كذ لك قدرة هذا الخط على احتواء المساحات الهندسية احتوا  ء كاملا.. كل
ذلك جعل هذا النوع من الخط الكوفي ذا توجه رياضي حاسم يرقى الى الدقة واليقين الرياضي وهو ما ينطبق عليه
التوصيف "بان فيه شيء كثير من الحرية وشيء اكبر من القصر في وقت واح د" حرية بلوغ لذة جمالية م ن خلال
الحرية في حركة الحروف وهي تتجاهل السطر والنظام الكتابي والمقروئية وقسر الالتزام بالشكل المنضبط على وفق
بنية هندسية ثابتة.
( الشكل رقم( ٣
خصائص النظام في الخط العربي الكوفي:
يتصف شكل الحرف العربي بنظام خاص ذا صفة موضوعية مستقلة عن أي وجود مادي، وحتى لو كان له هذا الوجود
فقد انفصل عنه وتطور نظامه مستقلا منذ زمن بعي د.. وعندما انتشرت الفلسفة الاسلامية اكدت ترسيخ النظام والتوافق
في العالم الطبيعي والروح البشرية والمدنية.
والخط العربي بشكل عام والخط الكوف ي- تحديد ا- مهما بلغ من غايات فانه يظل معبرا عن معنى النظام، حي ث يكمن
تحت هذه الصورة التي تتسم بالتعقيد تارة وبالبساطة تارة اخرى تصور ذهني محكم ودقيق، حيث تختفي سمات النظام
الرياضي خلف ذينك المظهرين، ويبقى المحيط الكفافي (دائرة، مثلث، مربع، مسدس) ممسكا ببنية الصورة في الكوفي.
ان خضوع الشكل الخطي الى النظام على الرغم من تعقيده قرائيا في الشكل رقم ( ١) وبنيويا في الشكل رقم ( ٣) وبنسبة
تعقيد اقل في الشكل رقم ( ٢) هو احد اسباب جماله وثراءه، ومما يزيد من هذا الجمال متعة الكشف عن اسرار هذا
التنظيم خصوصا في الشكل رقم ( ٣) اذ ان هذا النوع من الخط الكوفي يتجاوز المباشرة الى التعقيد ، كذلك يتفاعل فيه
النظام القائم على التناظر والتماثل ليؤسس نظامه الخاص، فهو يهدم نظام ليبني نظاما جديدا قائما على التعامل مع
الارضية تعاملا ايجابيا وحياديا، يرتقي احيانا لان تكون الارضية تتضمن نصا يوازي النص المكتوب، وهذا النظام
الخلاق غير موجود في كل انوا ع الخط العرب ي. وبذلك فان هذا الخط مستقر من خلال اتساقه في هذه العلاقة الغير
عادية مع الارضية.
والمغزى الجمالي في تكوينات الخط الكوفي لا يستقى من النص اللغوي، اذ يمكن ان تكون تلك التكوينات غير متظمنة
لاي نص ذا معنى، ومع ذلك فان المعنى يستقى من التنظيم الجما لي والاستغلال الحساس جدا للامكانات الشكلية الكامنة
في مكونات هذا الخط والشكل المميز لحروف ه. والعلاقات التشكيلية المعقدة والمركبة فيها والتي يتطلب فهمها التعرف
على الطريقة التي بنيت فيها وتحسس النظام الذي يشدها.
ان النظام الواضح ملائم ومريح في عملية التلقي، لكن الحاجة الى نظام بسيط ليست مطلقة ،[ ١٣ ]اذا نمطا – كالخط
الكوفي المربع- ويمكن قراءته يجلب المتعة اكثر من النمط السطري العادي.
ان جماليات النظام الرياضي في هذه الاشكال يقودنا الى عملية الادراك، فاذا كان الشكل منظما فان العملية العصبية
التي تقابله ينبغي ان تكون منظمة بالطريقة ذاتها [ ٢٥ ]، فالتكيف الذهني نوع من التوازن التدريجي، بين ميكانزم
استيعابي وتلاؤم مكمل، ولا يتم التكيف الا عندما يؤدي الى نظام ثابت، أي عندما يحصل التوازن بين الاسباب
والتلاؤم.[ ١] وعليه فان الشكل رقم ( ٣) المصمم على شبكة من المربعات والمستطيلات يقدم عددا كبيرا من المقارنات
التي يسهل ادراكها، بسبب بنيتها الرياضية هذه المتلائمة والمكتملة في نظام هندسي ثابت.
خصائص التجريد عبر البنية الرياضية للخط الكوفي:
ان من اهم مميزات الانسان قدرته على التجريد وابتكار الرموز التي تحدد هذا التجريد، ولعلنا ندرك بان اللغة
وحروفها تعد عالما متكاملا من الرموز المجردة تطورت على مساحة زمنية واسع ة. ان الكشف عن الرموز المجردة
يساعدنا على اختزال الزمن في فهم كمية كبيرة من الخبرات، والتجريد على قول (باشلار) يريح العقل وينشطه،
فالتجريد تبسيط وذلك بالنسبة للانسان ضرور ة مادية وذهني ة[ ١٣ ]، وهو يكشف عن قاسم مشترك بين الاشياء المتنوعة
من خلال الصفات المشتركة بينه ا. وهذا المنطلق يقوم عليه مبدا التجريد في الخط العربي الكوفي بصفته الرياضية
المجردة.
والتجريد في الخط الكوفي لا يستقي بهجته من علاقته بالطبيعة كالزخرفة الاسلامية، ب ل يتجه نحو واقع خفي في اعماق
العقيدة الاسلامية، متمثلا في رؤية قائمة على مبدا الاتقان والاخلاص والتجرد الذاتي، وبذلك يوازي جوهر الرؤية
الصوفية للفن التجريدي الذي يمتلك فتنته الخاصة والقائمة على بناء الشكل في الاتجاهات الهندسية لهذا التوجه.
وعلى الرغم من قي ام الخط الكوفي وارتكازه على ا للغه، لكنه لا يتمظهر بشكل واضح وجلي قدر ما يتقدم الشكل
والصورة فالاشكال الثلاثة تظهر كبنية كلية (وفق المنظور الجشطالت ي) نتذوقها من خلال اللغة وان استعصت قرائيا،
فالشكل رقم ( ١) يمتلك جماله المجرد من خلال بنيته القائمة بين الكتل والدقة والاتساع، بين مدة الدال والذال والكاف
والخط الرقيق الدقيق بين جسمي هذه الحروف، كذلك جمال حرف الالف المائل بقوة وثبات نحو اليمين، ما يوحي
بالاحساس بالسيلان الحر لحركة اليد المندفعة بثبات وهي ترسم حروف هذا الخط.
في حين يتصف الشكل رقم ( ٢) بقوة التراص ع لى خط اساس (ارضي) ثابت ورصين، ملتزما به حيثما يدور ويلتف
ويتعاشق يبقى محافظا على توازنه في علاقته مع الارضية، ويتضح هذا التوازن من خلال التشابه الدقيق للفراغات
الناشئة بين اجسم الحروف والكلمات.
ويتضح هذا المعنى بشكل اكثر جلا في الشكل رقم ( ٣) ففي هذا الشكل ينزع مفهوم التجريد لان يكون علما للجمال
الذي يدرك كبنية منسجمة، فهذا الشكل وان كان محض تجريد هندسي ولكنه يمتلك رنينا داخليا من خلال سطوة الشكل
وهو يتحدى قدرتنا على قراءته واستيعابه وكانه (يتعدى مفهوم الهيئة ويقترب من مفهوم القيم ة) [ ٢٦ ]. فالمعنى في هذا
الشكل يعد معادلة داخلية، علاقات متداخلة ومتحاورة بين النص والشكل في ذات الوقت، وبذلك يقترب من مفهوم
الوسطية بين الجبر والاختيار في بعض الاتجاهات الفكرية الاسلامية.
نتائج البحث:
ازاء ما تقدم استقصاؤه في المقدمة النظرية وما تبعها من اجراءات توصل البحث الى النتائج التالية:
١. تؤدي الرياضيات كمعرفة ذات صفة شمولية واجبا مهما في بناء الشكل في الخط العربي الكوفي، وذلك لتفرد
الصفة الموضوعية المستقلة لذلك الخط عن أي وجود مادي ليوجد نظامه الرياضي الخاص الذي يتفاعل فيه الشكل مع
الارضية تفاعلا ايجابيا لتثبيت ابعاده ومقاساته وتناسباته، وبذلك يعبر الخط الكوفي عن النظام وهو روح الرياضيات.
٢. تمتاز البنية الشكلية للخط الكوفي بصفة الدقة واليقين الرياضي اللذان يتوافران في المعرفة الرياضية،
فالمكونات الشكلية تبنى بحساب هندسي يؤول الى سيادة مبدا التكافؤ بسبب الانسجام والتوازن الناتج من خلال الحساب
الرياضي للعناصر على شبكة من المربعات وخطوط الاساس الضابطة للشكل العام في الخط الكوفي.
٣. يتصف الخط العربي بواحدة من اهم الصفات الرياضية وهي صفة التجريد، فالخط العربي مثلما اللغة قائم
على الرابط العضوي بين مستويين اثنين هما المستوى الذهني والمستوى البصري، وهذا المستوى الاخي ر- وهو جانب
بحثنا- يتعزز من خلال ما يحمله الحرف من قيمة تجريدية وعلامية مميزة تتنامى شكلانيًا في بنية حسابية دقيقة.
٤. تتسق المفاهيم الرياضية مع قوانين الخلق والابداع، بدا مع الكون الذي خلقه الله (جل جلال ه) وفقا لقوانين
رياضية، وبذلك فهي تتفق مع العقيدة الاسلامية التي انتجت الخط العربي.
المقترحات:
واستكمالا للفائدة المتوخاة من البحث يقترح الباحث ما يلي:
١. التوسع في اجراء دراسات تحليلية لانواع الخط العربي وفق المفاهيم الرياضية.
٢. اجراء دراسات لتحليل الشكل والمضمون في تكوينات الخط العربي اعتمادا على المباديء الرياضية.
المصادر :
القران الكريم.
،٨٦ ، ١. شربل موريس، التطور المعرفي عند جان بياجيه، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ص ١٦٠
.١٩٨٦
١٩٦٩ ،١٥٩ ،١٦٠ ،٤٤ ، ٢. الفندي، محمد ثابت، فلسفة الرياضيات ، دار النهضة العربية، بيروت، ص ٤٢
.١٩٨٣ ، ٣. ريد، هربرت ، حاضر الفن، ترجمة سمير علي، دار الحرية للطباعة، بغداد، ص ٨٩
٤. الساعدي، كريم سالم، نظرية الشكل وتطبيقاتها في التكوينات الخطية، رسالة ماجستير غير منشورة للباحث، كلية
.٢٠٠٥ ، الفنون الجميلة، جامعة بغداد، ص ٧
.١٩٦٠ ، ٥. علي ، جواد، تاريخ العرب قبل الاسلام، الجزء السابع، بغداد، ص ٦١
.١٩٧١ ، ٦. الشوك، علي، الاطروحة الفنطازية، وزارة الاعلام، بغداد، ص ١٣
.١٩٨٢ ،٥٩-٥٨ ، ٧. الجابري، محمد عابد، تطور الفكر السياسي والعقلانية المعاصرة، دار الطليعة، بيروت، ص ٦٣
،٧١ ، ٨. المرزوق، ابو ايوب، الرياضيات القديمة ونظرية العلم الفلسفية، الدا ر التونسية للنشر، تونس، ص ٦٦
.١٩٨٥
.١٩٧١ ،١٦٠ ،١٦٢ ، ٩. فيشر، ارنست: ضرورة الفن، ترجمة اسعد حليم، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، ص ١٥٣
.١٩٤٨ ، ١٠ . كورت، ناثان، الرياضبات في اللهو والجد، ترجمة عبد الحميد لطفي، ص ١٧٤
،١٣ ، ١١ . هيد، وايت، مقدمة للرياضيات، ترجمة محي الدين يوسف، شركة الرابطة للطبع والنشر، بغداد، ص ١٧
.١٩٥٢
١٢ . ديو دويثه، جان، الحرية والعلم الحديث، ترجمة تيسير شيخ الارض، وزارة الثقافة والارشاد القومي، دمشق، ص
.١٩٧٧ ،٢٠٢
١٣ . باشلار، غاستون، الفكر العلمي الجديد، ترجمة د. خليل احمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت،
.١٩٨١ ،٨ ،١٠٣ ،٦٧ ، ص ١٠٤
، ١٤ . السرياقوسي، محمد احمد مصطفى، المنهج الرياضي بين المنطق والحدس، دار الثقافة، القاهرة، ص ١٣
.١٩٨٢
.١٩٨١ ، ١٩٨١ ، المانيا، ص ١٣ ، ١٥ . اكمان، بنتو، الرياضيات في العصر الحديث، مجلة فكر وفن، العدد ٣٦
.١٩٨٤ ، ١٦ . شغموم، الميلودي، الوحدة والتعدد في الفكر العلمي الحديث، دار التنوير، بيروت، ص ٣٠
١٧ . اتنجهاوزن، رتشارد، الفنون الزخرفية والتصوير، في شاخت وبوزورث (تراث الاسلا م-القسم الثان ي) ترجمة
.١٩٧٨ ، د.حسين مؤنس وزميله، الكويت، ص ٧٦
، ١٨ . هويغ، رنيه، الفن تاويله وسبيله، ج ٢، ترجمة صلاح برمدا، وزارة الثقافة والارشاد القومي، دمشق، ص ٤٧
؟١٩٧٨ ،٢٧
.١٩٨٧ ، ١٩ . نوبلر، ناثان، حوار الرؤيا، ترجمة فخري خليل، دار المامون، بغداد، ص ٤٢
٢٠ . الحسيني، اياد حسين عبد الله، التكوين الفني للخط العربي وفق اسس التصميم، وزارة الثقافة، دار الشؤون الثقافية،
.٢٠٠٣ ، بغداد، ص ٧٦
٢١ . جتين، نها د: مولد فن الخط العربي وتطوره حتى ظهور المدرسة العثمانية في فن الخط العربي، نشرة الخط
.١٩٨٥ ، العربي، اعداد مصطفى اغورمان، الامارات العربية المتحدة، ص ١٨
.١٩٨٠ ، ٢٢ . عفيفي ، فوزي سالم، الكتابات الخطية، وكالة المطبوعات، الكويت، ص ١٨١
، ٢٣ . الصايغ، سمير، الفن الاس لامي- قراءة تاملية في فلسفته وخصائصه الجمالية، دار المعرفة، بيروت، ص ٢٢٢
.١٩٨٨
،٤٥- ٢٤ . للتوسع ينظ ر: التوحيدي، ابو حيان، رسالة في علم الكتابة، تحقيق ابراهيم الكيلاني، دمشق، ص ٤٤
.١٩٨٨
.١٩٨٦ ، ٢٥ . بكداش، كمال: نظريات في علم النفس، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ص ١٠٠
٢٦ . كافاليري، باربارا، التاثير الاغريقي في اسلوب المدرسة التعبيرية التجريدية، ترجمة سوسن فيصل السامر، في
.١٩٨٧ ، مجلة الثقافة الاجنبية، عدد ٢، بغداد، ص ٩٧

شبهات و ردود

ليست هناك تعليقات: