سر الشجرة المحرمة التي أخرجت أدم من الجنة
محمد حسن كامل
هي كل شئ , وبدونها لم يبق شئ , هي القدر بين الخير والشر , بين الفضيلة والرزيلة , هي المتناقضات … هي الثنائيات , هي الزمان … المكان … الأحداث …الأبطال …هي المسرح قبل أن يُرفع الستار …وهي نهاية الرواية عندما يُسدل الستار .
في ظلالها قد كان ما كان , النور والنار , الطاعة والمعصية , التراب والطين , العلم والجهل , السكون والحركة , الإيمان والكفر , الجنة والنار الحب والكراهية …..!!
ألمْ أقل لكم انها كل شئ..
في ظلالها ألقيت بجسدي الهزيل من وعثاء السفر في رحلة الحياة , بينما انحدرت الشمس نحو المغيب , وراحت تجر ذيلها الوردي من الشفق الأحمر لتغيب بعيداً رويداً رويداً عند خط الأفق في كف الزمن .
أخذتني غفوة في ظلالها والتي حملتني بعيداً في قلب الجنة … نعم الجنة … بكل قيم الحب والخير والحق والجمال والنور والبراءة والطهر والعفاف , هناك سمعت أنشودة التوحيد لله رب العالمين , تنبعث من أوتار التسبيح و نور التقديس لله الواحد الأحد , هناك في هذه السجادة الكونية التي ترتجف من الله خوفاً وطمعاً….جعلتني أحملق في هذا العالم الذي لم نعهد إليه سبيلاً من قبل .
من وراء صفوف الأمم في جدار التاريخ البشري , حاولت أن أرفع قامتي القصيرة لأرى هذا المشهد الذي يسجل روعة الحياة بكل ما فيها على خشبة مسرح نورانية تبعد مليارات السنوات الضوئية عن عالمنا هذا .
يقول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة مشيراً إلى خشبة مسرح الأحداث : ((هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) البقرة 29
مسرح الأحداث هو الأرض بكل ما فيها , إن مضارب البحث العلمي الهائل في الحياة يتصاغر حتي ينضوي تحت هذا المبنى والمعنى (( ما في الأرض ))…أما سقف هذا المسرح هو السماء بكل ما فيها من أجرام وأفلاك ومجرات وشموس وأقمار .
أما الحدث يأتي تحت تلك البقعة الضوئية في هذا الخبر :
((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )) البقرة 30
استفهام من الملائكة يفيد الاستخبار عن الحكمة … في أية تحمل النقيضين في آن واحد … فساد وسفك دماء …وتسبيح وتقديس …!!
الملائكة من نور وسرعة النور أسرع من الضوء الذي يُقدر بـ 300 ألف كم في الثانية الواحدة , حينما يسبق النور الضوء يكون الزمان = صفر أي يلتقي الماضي والمضارع والمستقبل في نقطة واحدة , وبالتالى المشهد كان واضحاً للملائكة في إعجاز علمي لم ينتبه إليه أحد من قبل إلا من فتح الله عليه ببصر وبصيرة .
وتتوالى المشاهد في روعة وجمال فيقول الله تعالى : ((وَعَلَّمَ ادم ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ )) البفرة 31
سؤال عاصف للذهن عن أسماء هؤلاء …..اسم إشارة للجمع القريب ….. صورة ذهنية واضحة المعالم …هؤلاء …واضحة الألوان الأبعاد الحركة , الأطراف …. كل شئ فيها واضح ….هؤلاء ….بكل ما في هؤلاء من تفاصيل .
تكون الإجابة من الملائكة بكل قيم التواضع والصدق والحق : ((قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ )) البقرة 32 ببساطة شديدة مع الثناء على الله والحمد لله .
وتتوالى المشاهد على مسرح القصة الأولى في حياة البشرية بقوله تعالى : ((قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ )) البقرة 33….. تنكشف الأمور خلف ستائر الغيب …غيب المادة وغيب النفس وغيب الظاهر وغيب الباطن ….غيب الحكيم الخبير .
حتى المشهد السابق كان على خشبة المسرح الملائكة وأدم ليظهر لنا وجه جديد يُدعى إبليس في هذه الآية : ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ )) البقرة 34 رفض وأستكبر وكان من الكافرين 3 جرائم أولها رفض أمر صاحب الأمر , ثم الاستكبار , ثم الكفر ….تلك الجرائم لا ينفع فيها استئناف لحكم أو نقض له …. جريمة الأبعاد الثلاثة ….أبى , وأستكبر , وكان من الكافرين …..أبعاد ثلاثة لحروف ثلاثة وهي (( ك ف ر )) والكفر هو ستر الحقيقة ….كان بإمكان إبليس تغيير النتيجة لو أعاد ترتيب الحروف الثلاثة بهذه الطريقة (( ف ك ر )) وفكر معناه البحث عن الحقيقة ولكن غباء إبليس جعله ينظر للأمور من زاوية الكفر لا من زاوية الفكر .
وتتوالى المشاهد على شاشة القرآن من أرض مسرح الأحداث : ((وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ )) البقرة 35 ….أول فعل أمر ….(( اسكن )) منحة من الله أربعة حروف ….أول عقد إيجار في الكون … بشروط ميسرة بسيطة ….. شروط أيام زمان بدون مقدم …ولا ضمان .
الجنة هي عين السكن ….. نعم هي الجنة ….والجنة من مادة جنن في المعاجم ومعناه ستر والجنة تستر ساكنها من كثافة أشجارها , أما الساكن هو أدم وزوجه ….حواء زوج أدم بدون تاء التأنيث….التي لم تظهر بعد …أما من شروط عقد الإيجار …. ((وكلا منها رغدا حيث شئتما ….أ)) ما محاذير العقد (( ولا تقربا هذه الشجرة …. )) وعقوبة الإخلال بشروط العقد هي :
(( فتكونا من الظالمين )) .
المستأجر ادم وزوجه , المسئولية لهما معاً حتى لا نلقي المسئولية على حواء فقط كما يدعي البعض .
(( فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ ))
البقرة 36
وينتهي الفصل الأول بمعصية أدم والخروج من الجنة , ويبدأ الصراع بين الخير والشر , النور والنار , ويتلقى أدم كلمات من الله ليتوب وهو التواب الرحيم في قوله تعالى : ((فَتَلَقَّىٰ ادم مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ )) البقرة 37
التوبة كانت من أدم وزوجه لقد ارتكبا المعصية سوياً وتابا سوياً في قوله تعالى (( قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ )) الأعراف 23
حوار يُسمى بلغة العصر (( ديمقراطي )) بين الأعلى والأدنى ….بين الله وإبليس….يسأل الله إبليسَ عن سر عدم سجوده لأدم في تلك اللقطة القرآنية الرائعة : (( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ )) الأعراف 12
ويترافع إبليس في أول مرافعة تاريخية في الوجود (( قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) مرافعة كيميائية تفاضل بين الطاقة والمادة , إبليس خُلق من نار وأدم خُلق من طين ….ومازال الصراع في العالم حتى يومنا هذا بين الطاقة والمادة .
لقد تاب أدم وزوجه أما إبليس أستكبر وكان من الكافرين .
إذن هي السبب … نعم هي …هذه الشجرة …. ياتُرى ما سر تلك الشجرة التي حرمها الله على أدم وزوجه ….كانت التحذير الوحيد في أول عقد إيجار في الكون ….؟
ولأول مرة في العالم نكشف السر بإذن الله , تأمل معي صديقي القارئ لقوله تعالى : (( هذه الشجرة )) أسم إشارة للمؤنث القريب , 9 حروف أساسية من حروف العربية , والرقم 9 أكبر الأرقام الفردية , وكل الأرقام في الوجود تنحصر بين الصفر و9 ….إذن هذه الشجرة تُعني كل شئ….ألم اقل لكم هذا منذ البداية ….؟
مازال السؤال مطروحاً ما سر تلك الشجرة التي تحتوي غلى كل شئ….؟
عُدنا لنضع تلك الشجرة تحت مجهر البحث (( هذه الشجرة )) وهذه الحروف التسعة ….وقُمنا بترجمة الحروف لأرقام تبعاً لترتيب الحروف في الأبجدية على هذا النسق من 1 إلى 28 حرف بالترتيب التالي : (( أ ب ج د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ )) ونعوض عن حروف (( هذه الشجرة )) حسب هذا الترتيب (( هـ ذ هـ ا ل ش ج ر ة )) بالأرقام حسب ترتيب الأبجدية الموضح عاليه (( 5 + 25 + 5 + 1 + 12 +21 + 3 + 21 + 22 )) المجموع = 114 عدد سور القرآن الكريم من أكل منها عليه أن يتحمل التكليف من القرآن الكريم بين الأوامر والنواهي……!!
مازلنا نضع (( هذه الشجرة )) تحت المجهر , ربما نعرج إلى سر جديد من أسرار القرآن الكريم
114 عدد سور القرآن الكريم , وبكتابة كلمة القرآن (( ا ل ق ر آ ن )) وبالتعويض عن الحروف بالأرقام المقابلة لها كالأتي : (( 1 +12 +19 + 20 +1 +14 )) المجموع = 67 وبالبحث في القرآن الكريم عن السورة رقم 67 وجدناها هي سورة الملك تتحدث عن سر الوجود والموت والحياة والاختبار والبلاء أيكم أحسن عملا في قوله تعالى : (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )) الأية 2 من سورة الملك
يشير فيها الحق تبارك وتعالى صراحة لخلق الحياة والموت والبلاء أيكم أحسن عملاً مع الإشارة لأسمين جليلين هما العزيز والغفور لعلمه إن هذا المخلوق سوف يذنب وأيضا يستغفر .
(( الموت والحياة )) أداة الاختبار والامتحان بشكل مباشر وواضح وصريح .
وبحساب كلمتي (( الموت والحياة )) حسب ترتيب الأبجدية السابقة (( 1 + 12 + 13 + 6 + 22 )) = الموت = 54
6 = و (( 1 + 12 + 8 +10 +1 22 )) 54 = الحياة
الموت يتساوى مع الحياة لان الموت سوف يحصد كل الحياة ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
الموت والحياة = 54 + 6 + 54 = 114 = هذه الشجرة
إذن هذه الشجرة هي شجرة الموت والحياة , وتحمل تكاليف القرآن وهذا يثبت كذب إبليس اللعين حينما قال : (( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ )) سورة طه 120 والله يؤكد حقيقة لا مراء فيها بقوله (( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ )) الأنبياء 34
لقد أكل أدم وحواء من شجرة الموت والحياة ……ليذوقا الموت والحياة والتكاليف بكل ما جاء في القرآن الكريم , للبلاء أيكم أحسن عملا…..وبحساب جملة الهدف والمخزى من خلق الموت والحياة (( أيكم أحسن عملا )) 1 + 10 +11 + 13 = 35 = أيكم , 1 + 8 + 15 + 14 = 38 = أحسن , 16 + 13 + 12 + 1 = 42 إذن (( أيكم أحسن عملا)) = (( 35 + 38 + 42 )) = 115
وبحصر عدد تكرار كلمة الحياة في القرآن الكريم وجدناها = 71 مرة
وبقسمة 115 ÷ 71 = 1.61971831 = الرقم الذهبي والنسبة الذهبية المعروفة وهي = 1,6180 مع التقريب 1,6 لعدم التكهن بالكسور العشرية
النسبة الذهبية في القرآن تشير إلى الهدف من خلق الموت والحياة بالبلاء والإختبار أيكم أحسن عملا كما جاء في سورة الملك .
.
تلك رؤية جديدة أقدمها لأمتي من تحت ظلال تلك الشجرة لأول مرة في العالم .
استيقظت من غفوتي بعد تلك الرحلة العجيبة الفريدة , في ظلال تلك الشجرة التي أكل منها أدم وحواء…..ومازلنا نأكل منها جميعاً لندرك سر الوجود من الله الواحد المعبود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق